شرح ابن الأنصاري لمنفرجة التوزري
الكلمات المفتاحية:
المنفرجة. شرح، ابن النحوي، ابن الأنصاري. تصوف. أدبالملخص
تعدُّ قصيدة (المنفرجة) التي نظمها يوسف بن محمد التوزري من أشهر قصائد التصوف التي يحفل بها التراث العربي الإسلامي، تكمن شهرتها في كونها مثل بارز في قصائد الاستغاثة وطلب الفرج من الله عز وجل في ساعات العسرة والمحنة. ذاع صيتها بين الملأ في مشارق الأرض ومغاربها، فتغنى بها المهتمون في مجالس الذكر، ودونتها أقلام الأدباء والمؤرخين، وتناقلتها الأجيال، وقد بلغت شهرتها أن ترجمت إلى لغات أخرى، كالتركية، والفارسية، وانبرى العلماء من جل الأصقاع والبقاع لشرحها وحل رموزها، ومن هؤلاء ابن الأنصاري، فكيف كان تعامله معها؟ وهل أجاد في شرحه لها، ووفق في تعامله معها؟ وبما يتميز عن غيره من الشارحين الآخرين؟
يمثل ابن الأنصاري أحد اللغويين الألمعيين الذين درسوا قصيدة (المنفرجة) بعمق، وتوسع، واستفاضة من خلال عمله العلمي الموسوم ب (الأضواء البهجة في إبراز دقائق المنفرجة)، وهو ما منحها شهرة ضاربة في الآفاق، وميز منهجية ونتائج صاحبها عن أنداده وأترابه.
سنقارب هذا الموضوع بوساطة المنهج الوصفي التحليلي، ونوازن بينه وبين سابقيه ومعاصريه، كما سنوظف جمهرة من المعايير والتأويلات اللغوية الأصيلة، ونقدم الاستنتاجات والاستنباطات، والمقاصد والاستشرافات النحوية المتوخاة، يتميز شرح ابن الأنصاري للمنفرجة بالتنوع والتوسع، والعرض الرصين المتين للمسائل اللغوية وقواعد النحو والعروض العربيين، والاستفاضة في تأويل أركان وقضايا البلاغة والخطاب والأسلوبية المعششة في القصيدة، كما يوازن الشارح بين النُسخ، ويعرف بالأعلام، ويستدرك استدراكات صالحة فالحة، ويعلق على ما فات من الشارحين الأوائل الألمعيين ،لا يعد ابن الأنصاري ناقلا إمعةً لآراء سابقيه ـ، فقد قرأ وفهم وهذب ورتب، وبسط، واختصر العمل المدروس حسب السياق، أو مقتضى الحال، وهو ما جعله ينجز شرحا لغويا جامعا، يحوي بين طياته كل علم طريف وظريف، ويبرز أنه كان فعلا لغويا فذا؛ واسع الثقافة والنظر، متفتحا، وراسخا في المنهج والتخصص. فالرجل كان بحرا ضليعا في شتى أصناف لعلوم، عدت له إحدى الدراسات ثلاثة وستين مصنفا مختلفا في الفقه، والقراءات، والحديث، واللغة، والأدب، والتفسير، والفلسفة، وغير ذلك من العلوم المختلفة. ولم يكن متعسفا في نقده، أو متحيزا لأحد، فقد تناول في كتاباته قصور العبارات، ووسَدّ الثغرات، واستدرك ما فات سابقيه.