أدلة الإثبات الجنائي العلمي، إضافة نوعية في منهجية الاستدلال
الملخص
ترتبط أهمية الإثبات ارتباطا وثيقا بالقاعدة التي تقضي بأن الإنسان لا يستطيع أن يقضي بحقه لنفسه، بل عليه أن يستعين بالسلطات المختصة " ؛ أي السلطة القضائية "، لأن صاحب الحق يجد نفسه مجبرا على إقناع القاضي بإقامة الدليل على وجود حقه. ومن دون هذا الدليل لا يستطيع أن يحمي حقوقه التي تتعرض للانتهاك أو للإنكار. وبذلك يحقق الإثبات مصلحة عامة اجتماعية هي حسم المنازعات بين الأفراد، كما يعمل على تحقيق ما تقتضيه العدالة وهو: تمكين كل ذي حق من التمتع بحقه وفق القانون فأصبح لنظريات الإثبات في مختلف القوانين أهمية خاصة باعتبارها وسائل مهمة تمكن القضاء من إحقاق الحق، وتأمين العدالة بين أفراد المجتمع.
ومعلوم أن الإثبات القضائي ينصب على صحة واقعة قانونية، ولا ينصب على الحق المتنازع عليه، إنما على الواقعة التي تكون مصدر هذا الحق وهي إما أن تكون واقعة مادية أو تصرفا قانونيا.
ويكتسي الإثبات في المادة الجنائية أهمية خاصة لما يستتبعه من عقوبات مؤثرة في حقوق وحرية وحياة الأشخاص فالقاضي الجنائي حين يقرر عقوبة جنائية مستندا إلى أحد الأدلة العلمية الحديثة، فإنه يكون قد انتصر للمظلوم بحشد شتى طاقات العلم للوصول إلى الحقيقة من جهة كما يكون أنه نال من المتهم نيلا بالغ الخطورة إذا تبين لاحقا أن عملية الاستدلال كانت خاطئة أو معيبة، من جهة أخرى!